سورة الحديد - تفسير تفسير الثعلبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحديد)


        


{اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17) إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19) اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24) لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25)}
{اعلموا أَنَّ الله يُحْيِي الأرض بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيات لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * إِنَّ المصدقين والمصدقات}. قرأ ابن كثير وعاصم برواية أبي بكر والمفضل بتخفيف الصادين من التصديق مجازه: إن المؤمنين والمؤمنات.
وقرأ الباقون: بتشديدهما بمعنى أن المتصدقين والمتصدقات، فأدغم التاء في الصاد كالمزمل والمدثر، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم اعتباراً لقراءة أُبي: {إن المتصدقين والمتصدقات واقرضوا الله قرضاً حسناً} بالصدقة والنفقة في سبيله.
قال الحسن: كل ما في القرآن من القرض الحسن فهو التطوع وإنما عطف بالفعل على الاسم لأنه في تقدير الفعل، مجازه: إن الذين صدقوا وأقرضوا يضاعف لهم أمثالها.
قراءة العامة: بالألف وفتح العين. وقرأ الأعمش: {يضاعفه} بكسر العين وزيادة هاء.
وقرأ ابن عامر وابن كثير وأبو جعفر {يضعّف} بالتشديد.
{وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} وهو الجنة {والذين آمَنُواْ بالله وَرُسُلِهِ أولئك هُمُ الصديقون} واحدهم: صديق وهو الكثير الصدق.
قال الضحاك: هم ثمانية نفر سبقوا أهل الأرض في زمانهم إلى الإسلام: أبو بكر وعلي وزيد وعثمان بن عفان وطلحة والزبير وسعد وحمزة بن عبد المطلب، تاسعهم عمر بن الخطاب ألحقه الله بهم لما عرف من صدق نبيّه.
{والشهدآء عِندَ رَبِّهِمْ} اختلف العلماء فى نظم هذه الآية وحكمها، فقال قوم: تمام الكلام عند قوله: {الصديقون} ثم ابتدأ فقال: {والشهدآء} وأراد بهم شهداء المؤمنين خاصة، والواو فيه واو الاستثناء، وهذا قول ابن عباس ومسروق وجماعة من العلماء. وقال الآخرون: هي متصلة بما قبلها، والواو فيه واو النسق.
ثم اختلفوا في معناها، فقال الضحّاك: نزلت في قوم مخصوصين من المؤمنين، وكانوا كلّهم شهداء، وقد مرّ ذكرهم.
وقال غيره: نزلت في المؤمنين المخلصين كلّهم.
أخبرني عبد الله بن حامد إجازة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله المزني قال: حدّثنا عبد الله ابن غنام النخعي قال: حدّثنا أبو كريب قال: حدّثنا عبيد بن سعيد، عن شعبة، عن أبي قيس، عن الهرمل، عن عبد الله قال: إنّ الرجل ليقاتل الناس ليرى مكانه، وإنّ الرجل ليقاتل على الدنيا، وإنّ الرجل ليقاتل ابتغاء وجه الله، وإنّ الرجل ليموت على فراشه فيكون شهيداً، ثم قرأ: {والذين آمَنُواْ بالله وَرُسُلِهِ أولئك هُمُ الصديقون والشهدآء عِندَ رَبِّهِمْ}.
وأخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا محمّد بن خالد قال: حدّثنا داود بن سليمان قال: حدّثنا عبد بن حميد قال: حدّثنا أبو نعيم قال: حدّثنا سفيان بن ليث، عن مجاهد قال: كلّ مؤمن صدّيق شهيد، ثم قرأ هذه الآية، يعني موصولة.
وقال ابن عباس في بعض الروايات: أراد بالشهداء الأنبياء خاصّة.
{لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} في ظلمة القيامة. {والذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أولئك أَصْحَابُ الجحيم * اعلموا أَنَّمَا الحياة الدنيا}: {ما} صلة مجازه {اعلموا}.
{لَعِبٌ} باطل لا حاصل له {وَلَهْوٌ}: فرح ثم ينقضي {وَزِينَةٌ} منظر يتزيّنون به، {وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ}: يفخر به بعضكم على بعض، {وَتَكَاثُرٌ فِي الأموال والأولاد} أي يُتاه بكثرة الأموال والأولاد.
وقال بعض المتأوّلين من المتأخّرين: لعب كلعب الصبيان، ولهو كلهو الفتيان، وزينة كزينة النسوان، وتفاخر كتفاخر الأقران، وتكاثر كتكاثر الدهقان.
وقال عليّ بن ابي طالب لعمار بن ياسر: «لا تحزن على الدنيا، فإن الدنيا ستّة أشياء: مطعوم، ومشروب، وملبوس، ومشموم، ومركوب، ومنكوح. فأكبر طعامها العسل وهي بزقة ذبابة، وأكبر شرابها الماء ويستوي فيه جميع الحيوان، وأكبر الملبوس الديباج وهي نسجة دود، وأكبر المشموم المسك، وهي دم فأرة ظبية، وأكبر المركوب الفرس وعليها يقتل الرجال، وأكبر المنكوح النساء وهو مبال في مبال. والله إن المرأة ليزيَّن أحسنها يراد به أقبحها».
ثم ضرب جلّ ذكره لها مثلا فقال عزّ من قائل: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الكفار} أي الزّرّاع {نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً} فيبلى ويفنى {وَفِي الآخرة عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ}، يعني: أو مغفرة {مِّنَ الله وَرِضْوَانٌ وَمَا الحياة الدنيآ إِلاَّ مَتَاعُ الغرور * سابقوا}: سارعوا {إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا}: سعتها {كَعَرْضِ السمآء والأرض} لوصل بعضها ببعض.
وقال ابن كيسان: عنى به جنّة واحدة من الجنان.
{أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ بالله وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ والله ذُو الفضل العظيم * مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأرض} بالجدب والقحط وذهاب الزرع والثمر {وَلاَ في أَنفُسِكُمْ} بالأوصاب والأسقام.
وقال الشعبي: المصيبة: ما يكون من خير وشرّ وما يسيء ويسرّ.
ودليل هذا التأويل قوله سبحانه: {لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ على مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ} فذكر الحالتين جميعاً: {إِلاَّ فِي كِتَابٍ} يعني: اللوح المحفوظ {مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ}: من قبل أن نخلق الأرض والأنفس.
وقال ابن عباس: يعني المصيبة.
وقال أبو العالية: يعني النسَمَة {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى الله يَسِيرٌ} إن خلق ذلك وحفظه على الله هيّن.
أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا محمّد بن مخلد قال: أخبرنا داود قال: حدّثنا عبيد قال: حدّثنا أبو نعيم قال: حدّثنا الربيع بن أبي صالح قال: دخلت على سعيد بن جبير في نفر فبكى رجل من القوم، فقال: ما يبكيك؟ قال: أبكي لما أرى بك ولما يذهب بك إليه. قال: فلا تبكِ، فإنّه كان في علم الله سبحانه أن يكون، ألم تسمع إلى قول الله عزّ وجلّ: {مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأرض وَلاَ في أَنفُسِكُمْ} الآية.
{لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ}: تحزنوا {على مَا فَاتَكُمْ} من الدنيا، {وَلاَ تَفْرَحُواْ}: تبطروا {بِمَآ آتَاكُمْ}. قراءة العامّة بمدّ الألف، أي {أعطاكم}، واختاره أبو حاتم.
وقرأ أبو عمرو بقصر الألف أي: {جاءكم}، واختاره أبو عبيد، قال: لقوله سبحانه: {فَاتَكُمْ} ولم يقل: {أفاتكم} فجعل له، فكذلك {أتاكم} جعل الفعل له ليوافق الكلام بعضه بعضاً.
قال عكرمة: ما من أحد إلاّ وهو يفرح ويحزن فاجعلوا للفرح شكراً وللحزن صبراً.
{والله لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}: متكبّر بما أُوتي من الدنيا، فخور به على الناس.
وقال ابن مسعود: لأن ألحسَ جمرة أحرقت ما أحرقت، وأبقت ما أبقت، أحبّ إليّ من أن أقول لشيء كان: ليته لم يكن، أو لشيء لم يكن: ليته كان.
قال جعفر الصادق: «يا بن آدم، مالك تأسّف على مفقود لا يردّه إليك الفوت؟ ومالك تفرح بموجود لا يتركه في يديك الموت؟».
وقيل لبزرجمهر: ما لك أيها الحكيم لا تأسف على ما فات ولا تفرح بما هو آت؟ فقال: لأنّ الفائت لا يتلافى بالعبرة، والآتي لا يستدام بالحبرة.
وقال الفضيل في هذا المعنى: الدنيا مفيد ومبيد فما أباد فلا رجعة له، وما أفاد فقد أذن بالرحيل.
وقال الحسين بن الفضل: حمل الله سبحانه بهذه الآية المؤمنين على مضض الصبر على الفائت، وترك الفرح بالآتي، والرضا بقضائه في الحالتين جميعاً.
وقال قتيبة بن سعيد: دخلت بعض أحياء العرب فإذا أنا بفضاء من الأرض مملوء من الإبل الموتى والجيف بحيث لا أُحصي عددها، فسألت عجوزاً: لمن كانت هذه الإبل؟ فأشارت إلى شيخ على تلّ يغزل صوفاً، فقلت له: يا شيخ ألك كانت هذه الإبل؟ قال: كانت باسمي. قلت: فما أصابها؟ قال: ارتجعها الذي أعطاها. قلت: وهل قلت في ذلك شيئاً؟ قال: نعم:
لا والذي أخذ [...] من خلائقه *** والمرء في الدهر نصب الرزء والمحنِ
ما سرّني أنّ إبْلي في مباركها *** وما جرى في قضاء الله لم يكنِ
وقال سلم الخوّاص: من أراد أن يأكل الدارين فليدخل في مذهبنا عامين؛ ليضع الله سبحانه الدنيا والآخرة بين يديه. قيل: وما مذهبكم؟ قال: الرضا بالقضا، ومخالفة الهوى. وأنشد:
لا تطل الحزن على فائت *** فقلّما يجدي عليك الحزنْ
سيّان محزون على ما مضى *** ومظهرٌ حزناً لما لم يكنْ
{الذين يَبْخَلُونَ}، قيل: هو في محل الخفض على نعت المختال، وقيل: هو رفع بالابتداء وخبره ما بعده. {وَيَأْمُرُونَ الناس بالبخل وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ الله هُوَ الغني الحميد} قرأ أهل المدينة والشام بإسقاط {هُوَ} وكذلك هو في مصاحفهم. الباقون بإثباته.
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بالبينات وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكتاب والميزان} يعني له يعدل. وقال ابن زيد: ما يوزن به. {لِيَقُومَ الناس بالقسط}: ليعمل الناس بينهم بالعدل {وَأَنزَلْنَا الحديد}، قال ابن عباس: نزل آدم من الجنّة معه خمسة أشياء من الحديد: السندان، والكلبتان، والمنقعة، والمطرقة، والأُبرة.
وقال أهل المعاني: يعني أنه أخرج لهم الحديد من المعادن، وعلمهم صنيعته بوحيه.
وقال قطرب: هذا من النُزُل كما تقول: أنزل الأمر على فلان نزلا حسناً، فمعنى الآية أنه جعل ذلك نزلا لهم، ومثله قوله: {وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ الأنعام ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر: 6].
ودليل تأويل السلف من المفسرين ما أخبرنا أبو سفيان الحسن بن عبد الله الدهقان قال: حدّثنا الحسن بن إسماعيل بن خلف الخيّاط قال: حدّثنا أبو بكر محمّد بن الفرج المعدّل قال: حدّثنا محمّد بن عبيد بن عبد الملك قال: حدّثنا سفيان بن محمّد أبو محمّد ابن أخت سفيان الثوري عن عبد الملك بن ملك التميمي عن عبد الله بن خليفة عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله عزّ وجلّ أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض: فأنزل الحديد، والنّار، والماء والملح».
{فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ}، قوّة شديدة، يعني: السلاح والكراع، {وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} ممّا يستعملونها في مصالحهم ومعايشهم؛ إذ هو آلة لكلّ صنعة. {وَلِيَعْلَمَ الله}، يعني: أرسلنا رسلنا، وأنزلنا معهم هذه الأشياء؛ ليعامل الناس بالحقّ والعدل وليرى سبحانه {مَن يَنصُرُهُ} أي دينه {وَرُسُلَهُ بالغيب إِنَّ الله قَوِيٌّ عَزِيزٌ}.


{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (26) ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)}
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النبوة والكتاب فَمِنْهُمْ مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ * ثُمَّ قَفَّيْنَا على آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابن مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإنجيل وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الذين اتبعوه} على دينه {رَأْفَةً وَرَحْمَةً} والرأفة أشد الرقّة {وَرَهْبَانِيَّةً ابتدعوها} من قبل أنفسهم {مَا كَتَبْنَاهَا} فرضناها وأوجبناها {عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابتغآء} يعني: ولكنهم ابتغوا {رِضْوَانِ الله} بتلك الرهبانية {فَآتَيْنَا الذين آمَنُواْ مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ}، وهم أهل الرأفة والرحمة والرهبانية التي ابتدعوها طلباً لرضا الله {وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} يعني الذين لم يرعوا الرهبانية حق رعايتها وكفروا بدين عيسى وتهوّدوا وتنصّروا. وبنحو ما فسّرنا ورد فيه الآثار.
وقال ابن مسعود: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار، فقال لي: «يا ابن أمّ عبد، هل تدري من أين اتّخذت بنو اسرائيل الرهبانية؟». قلت: الله ورسوله أعلم.
قال: «ظهرت عليهم الجبابرة بعد عيسى عليه السلام يعملون بمعاصي الله سبحانه، فغضب أهل الإيمان فقاتلوهم فهزم أهل الإيمان ثلاث مرات فلم يبقَ منهم إلاّ القليل، فقالوا: إن ظهرنا لهؤلاء أفنونا ولم يبقَ للدين أحد يدعو إليه، فتعالوا نتفرّق في الأرض إلى أن يبعث الله النبي الذي وعدنا عيسى يعنون محمّداً فتفرّقوا في غيران الجبال، وأحدثوا الرهبانية، فمنهم من تمسّك بدينه ومنهم من كفر». ثم تلا هذه الآية {وَرَهْبَانِيَّةً ابتدعوها مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} الآية.
{فَآتَيْنَا الذين آمَنُواْ مِنْهُمْ} يعني: من ثبتوا عليها {أَجْرَهُمْ}، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا ابن أم عبد، أتدري ما رهبانية أُمتي؟» قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «الهجرة والجهاد والصلاة والصوم والحج والعمرة والتكبير على التلاع».
وأنبأني عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله المزني قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله ابن سليمان قال: حدّثنا شيبان بن فرّوخ قال: حدّثنا الصعق بن حزن، عن عقيل الجعدي، عن أبي إسحاق، عن سويد بن غفلة،عن ابن مسعود قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا بن مسعود، اختلف من كان قبلكم على ثنتين وسبعين فرقة ونجا منها ثلاث وهلك سائرهن، فرقة وازت الملوك وقاتلوهم على دين عيسى فأخذوهم وقتلوهم، وفرقة لم يكن لهم طاقة بموازاة الملوك ولا بأن يقيموا بين ظهرانيهم تدعوهم إلى دين الله سبحانه ودين عيسى، فساحوا في البلاد وترهّبوا وهم الذين قال الله سبحانه: {وَرَهْبَانِيَّةً ابتدعوها مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ}».
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من آمن بي وصدّقني واتّبعني فقد رعاها حقّ رعايتها، ومن لم يؤمن بي فأولئك هم الهالكون».
وروى الضحّاك وعطّية عن ابن عباس قال: كتب الله سبحانه عليهم القتال قبل أن يبعث محمّداً صلى الله عليه وسلم فلما استخرج أهل الإيمان ولم يبقَ منهم إلاّ قليل وكثر أهل الشرك، وذهبت الرسل وقهروا، اعتزلوا في الغيران فلم يزل بهم ذلك حتى كفرت طائفة منهم، وتركوا أمر الله ودينه، وأخذوا بالبدعة وبالنصرانيّة وباليهودية، ولم يرعوها حقّ رعايتها، وثبتت طائفة على دين عيسى حتى جاءهم البيّنات، وبعث الله سبحانه محمّداً صلى الله عليه وسلم وهم كذلك. فذلك قوله عزّ وجلّ: {ياأيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله وَآمِنُواْ بِرَسُولِهِ} إلى قوله: {والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
وأخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا عليّ بن حرب قال: حدّثنا ابن فضيل قال: حدّثنا عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
وحدّثت عن محمّد بن جرير، قال: حدّثنا أبو عمّار الحسين بن حريث قال: حدّثنا الفضل ابن موسى عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كانت ملوك بعد عيسى عليه السلام بدّلوا التوراة والإنجيل. وكان فيهم مؤمنون يقرأون التوراة والإنجيل ويدعونهم إلى دين الله ويأمرونهم بتقوى الله سبحانه، فقيل لملكهم: لو جمعت هؤلاء الذين شقّوا عليكم وآذوكم فقتلتموهم، أقرّوا بما نقرّ به، ودخلوا فيما نحن فيه. فدعاهم ملكهم وجمعهم وعرض عليهم القتل أو يتركوا قراءة التوراة والإنجيل. إلاّ ما بدّلوا فيها، فقالوا: ما تريد منّا؟ نحن نكفيكم أنفسنا. فقالت طائفة منهم: ابنوا لنا اسطوانة ثم ارفعونا إليها ثم اعطونا شيئاً نرفع به طعامنا وشرابنا ولا نردّ عليكم. وقالت طائفة أخرى: دعونا نسيح في الأرض ونهيم ونسرب كما تسرب الوحش فإن قدرتم علينا بأرض فاقتلونا. وقالت طائفة منهم: ابنوا لنا دوراً في الفيافي ونحتفر الآبار ونحترث البقول فلا نرِد عليكم ولا نمرّ بكم. وليس أحد من أولئك إلاّ له حميم منهم، ففعلوا ذلك بهم فمضى أولئك على منهاج عيسى، وخلف قوم من بعدهم ممّن قد غيّر الكتاب، فجعل الرجل يقول: نكون في مكان فلان فنتعبّد كما تعبّد فلان، ونسيح كما ساح فلان، ونتّخذ دوراً كما اتّخذ فلان، وهم على شركهم، ولا علم لهم بإيمان الذين اقتدوا بهم، فذلك قوله سبحانه: {وَرَهْبَانِيَّةً ابتدعوها مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابتغآء رِضْوَانِ الله}. قال: ابتدعها هؤلاء الصالحون فما رعوها حقّ رعايتها، يعني الآخرين الذين جاؤوا من بعدهم، {فَآتَيْنَا الذين آمَنُواْ مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ} يعني الذين: ابتدعوها {وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ}: الذين جاؤوا من بعدهم. قال: فلمّا بعث النبيّ صلى الله عليه وسلم عليه السلام ولم يبق منهم إلاّ قليل، انحطّ رجل من صومعته، وجاء السائح من سياحته وصاحب الدير من ديره، وآمنوا به وصدّقوه فقال الله عزّ وجلّ: {ياأيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله وَآمِنُواْ بِرَسُولِهِ} محمّد عليه السلام {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ} قال: أجرين؛ لإيمانهم بعيسى والإنجيل وإيمانهم بمحمّد والقرآن، {وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ} يعني: القرآن {لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب} الذين يتشبّهون بهم {أَلاَّ يَقْدِرُونَ على شَيْءٍ مِّن فَضْلِ الله} إلى آخرها.
وقال قوم: انقطع الكلام عند قوله: {وَرَحْمَةً} ثم قال: {وَرَهْبَانِيَّةً ابتدعوها مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ}؛ وذلك أنّهم تركوا الحقّ، وأكلوا لحم الخنزير، وشربوا الخمر، ولم يتوضّؤوا ولم يغتسلوا من جنابة، وتركوا الختان، {فَمَا رَعَوْهَا} يعني: الطاعة والملّة {حَقَّ رِعَايَتِهَا}. كناية عن غير مذكور. {فَآتَيْنَا الذين آمَنُواْ مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ}، وهم أهل الرأفة والرحمة {وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ}، وهم أهل الرهبانية والبدعة، وإليه ذهب مجاهد.
ومعنى قوله: {إِلاَّ ابتغآء رِضْوَانِ الله}: وما أمرناهم إلاّ بذلك وما أمرناهم إلاّ بالترهّب، أو يكون وجهه: إلاّ ابتغاء رضوان الله بزعمهم وعَنَدهم، والله أعلم.
{ياأيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله وَآمِنُواْ بِرَسُولِهِ} محمّد عليه السلام {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ}: نصيبين {مِن رَّحْمَتِهِ}؛ لإيمانكم بالأوّل وإيمانكم بالآخر.
وقال أبو موسى الأشعري: كفلين: ضعفين بلسان الحبشة.
قال ابن جبير: وأصله ما يكتفل به الراكب من الثياب والمتاع فيحبسه ويحفظه من السقوط، يقول: يحصنكم هذا الكفل من العذاب كما يحصن الراكب الكفل من السقوط. ومنه الكفالة؛ لأنّها تحصن الحقّ.
{وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ} في الناس، وعلى الصراط أحسن.
وقال ابن عباس: النور القرآن.
وقال مجاهد: الهدى والبيان، {وَيَغْفِرْ لَكُمْ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
قال سعيد بن جبير: بعث النبي صلى الله عليه وسلم جعفراً رضي الله عنه في سبعين راكباً للنجاشي يدعوه، فقدم عليه فدعاه فاستجاب له وآمن به، فلمّا كان عند انصرافه قال ناس ممّن آمن به من أهل مملكته وهم أربعون رجلا: ايذن لنا فنأتي هذا النبيّ صلى الله عليه وسلم فنلمّ به ونجدّف بهؤلاء في البحر؛ فإنا أعلم بالبحر منهم. فقدموا مع جعفر على النبيّ صلى الله عليه وسلم وقد تهيأ النبيّ صلى الله عليه وسلم عليه السلام لوقعة أحد، فلمّا رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة وشدّة الحال استأذنوا النبيّ صلى الله عليه وسلم عليه السلام فقالوا: يا رسول الله إنّ لنا أموالا، ونحن نرى ما بالمسلمين من خصاصة، فإن أذنت لنا انصرفنا فجئنا بأموالنا فواسينا المسلمين بها.. فأذن لهم فانصرفوا وأتوا بأموالهم فواسوا بها المسلمين، فأنزل الله سبحانه فيهم {الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ} [القصص: 52] إلى قوله: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [القصص: 54] فكانت النفقة التي واسوا بها المسلمين فلما سمع أهل الكتاب ممن لم يؤمن قوله: {يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ} [القصص: 54]، فجروا على المسلمين فقالوا: يا معشر المسلمين، أما من آمن منّا بكتابكم وكتابنا فله أجره مرتين ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم فما فضلكم علينا؟ فأنزل الله سبحانه: {ياأيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله وَآمِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ} فجعل لهم أجرين وزادهم النور والمغفرة ثم قال: {لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب}، وهكذا قرأها سعيد بن جبير {أَلاَّ يَقْدِرُونَ} الآية.
وروى حنان عن الكلبي قال: كان هؤلاء أربعة وعشرين رجلا قدموا من اليمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، لم يكونوا يهوداً ولا نصارى، وكانوا على دين الأنبياء فأسلموا، فقال لهم أبو جهل: بئس القوم أنتم والوفد لقومكم. فردّوا عليه: {وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بالله وَمَا جَآءَنَا مِنَ الحق} [المائدة: 84]، فجعل الله سبحانه لهم والمؤمني أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه أجرين اثنين، فجعلوا يفخرون على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: نحن أفضل منكم لنا أجران ولكم أجر واحد، فأنزل الله سبحانه: {لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب} الآية.
أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه قال: حدّثنا أبو بكر بن مالك قال: حدّثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا عبد الرحمن بن سفيان، عن صالح، عن الشعبي، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كانت له أمة فعلّمها فأحسن تعليمها، وأدّبها فأحسن تأديبها، وأعتقها وتزوّجها فله أجران، وعبد أدّى حقّ الله وحقّ مواليه، ورجل من أهل الكتاب آمن بما جاء به موسى أو ما جاء به عيسى وما جاء به محمّد صلى الله عليه وسلم فله أجران».
وقال قتادة: حسد أهل الكتاب المسلمين، فأنزل الله سبحانه هذه الآية.
وقال مجاهد: قالت اليهود: يوشك أن يخرج منا نبيّ يقطع الأيدي والأرجل، فلمّا خرج من العرب كفروا، فأنزل الله سبحانه {لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب} أي ليعلم {لا} صلة {أَلاَّ يَقْدِرُونَ} يعني أنّهم لا يقدرون، كقوله: {أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً} [طه: 89] وأنشد الفرّاء:
إنّي كفيتك ما تو *** ثق إنْ نجوت إلى الصباحْ
وسلمت من عرض الجنو *** ن من الغدوّ إلى الرواحْ
إن تهبطنّ بلاد قو *** مي يرتعون من الطلاحْ
أي: إنّك تهبطن.
{على شَيْءٍ مِّن فَضْلِ الله} الآية.
أخبرني ابن فنجوية قال: حدّثني أبو بكر بن خرجة قال: حدّثنا محمّد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قال: حدّثنا الحسن بن السكن البغدادي، قال: حدّثنا أبو زيد النحوي، عن قيس بن الربيع عن الأعمش، عن عطيّة، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عزّ وجلّ قسّم الأجر وقسّم العمل، فقيل لليهود، اعملوا، فعملوا إلى نصف النهار، فقيل: لكم نصف قيراط. وقيل للنصارى: اعملوا، فعملوا من نصف النهار إلى العصر، فقيل: لكم قيراط. وقيل للمسلمين: اعملوا، فعملوا من صلاة العصر إلى غروب الشمس بقيراطين. فتكلّم اليهود والنصارى في ذلك، فأنزل الله سبحانه: {لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب أَلاَّ يَقْدِرُونَ على شَيْءٍ مِّن فَضْلِ الله وَأَنَّ الفضل بِيَدِ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ والله ذُو الفضل العظيم}».

1 | 2